حقيقي: مين أنا؟



خلال ال٤ أعوام الماضية منذ تخرجي من الجامعة وأنا أركض في كل الإتجاهات. أعوم في كل التخصصات فأنا رهف لاعبة كرة القدم، المصممة، المصورة، المديرة، الموظفة، صاحبة المشروع . خلال ال٤ أعوام الماضية كنت كل ما سبق... ولا شيء مما سبق. تخبرني أمي دائمًا أنّ الإنسان يمكنه أن يعمل في أكثر من مجال، ويقول لي مديري "أنتِ الوحيدة اللي تفهمين في كل المجالات". ولكن الحقيقة التي أشعر فيها أنني بعيدة كل البعد عن كل المجالات التي خضت تجاربي فيها. كل ما يدور في عقلي عندما أفكر في إجابة سؤال: "رهف، إنتِ ايش تسوين؟" أنني لا أملك أدنى شك 


خلال ال٤ سنوات الماضية بدأت صحيفة إلكترونية مع أحد صديقاتي، وخلال شهور قليلة لم أستمر فيها رغم نجاحها. افتتحت استديو تصميم، رغم نجاح الاستديو إلا أنني قبلت أول عرض وظيفي يأتي في طريقي. رغم نجاحي في الوظيفة إلا أنني استقلت خلال ٨ أشهر. لعبت كرة قدم كلاعبة محترفة في نادي الشباب ولم أستمر مع النادي. توظفت وظيفتي الثانية عن طريق الصدفة بعد انتهاء الموسم. بعد ٣ أشهر ترقيت لكي أكون مدير فني. استمريت في عملي ولعبت كلاعبة محترفة في نادي 
الإتحاد وأمارس العمل الحر كمسؤولة حسابات في منصات التواصل الاجتماعي 



بعد إنتهاء الموسم، لم أعد أريد الاستمرار في مجال كرة القدم، كما أنني كنت على وشك الإستقالة من وظيفتي وعلى وشك ترك جميع العملاء الذين كنت أمارس معهم عملي الحر. والآن أجد نفسي عالقة في منتصف الطريق. تبدو جميع المجالات بعيدة جدًا وقريبة في نفس الوقت. أنا قريبة جدًا وبعيدة من كوني لاعبة محترفة. أنا قريبة جدًا وبعيدة من كوني مصممة، من كوني كاتبة من كوني مصورة، من كوني

أجد نفسي الآن في طريق مسدود. من أنا وماذا أريد أن أكون. هل سأستمر في الهروب رغم نجاحي في المجالات التي خضتها؟ هل تجاربي السابقة كانت إجابة لسؤال "إيش ما أبا أصير"؟ هل بسبب إنشغالي كل هذه السنوات فأنا لم أملك الوقت الكافي لكي أفهم ما هي حقيقة ذاتي؟ والسؤال الأهم إذا كنت موقنة أنني لا أريد أن أكون لاعبة كرة قدم، لماذا أشعر بكل ذلك الفراغ منذ توقفي عن اللعب؟ إذا كنت أعلم أنني لا أريد أن أستمر في مجال التسويق في منصات التواصل الإجتماعي لماذا أنا خائفة من إتخاذ الخطوة لكي أبدأ في مجال آخر؟



بداية شهر أبريل من عام ٢٠٢٤ فتحت موقع أحد الجامعات ورأيت فيه تخصص "التصوير الوثائقي والصحفي". تذكرت قبل عام دخولي لهذه الصفحة واهتمامي بهذا التخصص. وكأنني عندما رأيت التخصص وجدت جميع الإجابات. كان التقديم ينتهي خلال أسبوعين ورغم عدم وجود أي من الملفات المطلوبة إلا أنني عملت ليل ونهار "ليل قبل النهار لأن التقديم كان في رمضان" وتقدمت لمرحلة الماجستير في هذا التخصص

مر من يوم تقديمي للجامعة أكثر من شهر، ورغم إدراكي التام أنني أريد أن أتخذ هذه الخطوة إلا أن الفراغ ما زال موجود داخلي. والأسئلة ما زالت لا تنتهي. أجد نفسي اليوم على سريري، لا أعلم إن كانت الخطوة القادمة هي التي ستساعدني في فهم ذاتي أم أنها محاولة للهروب من الإجابات. وإذا كانت طريقة للهروب فهل أريد أن أهرب من حياتي أو من ذاتي التي لن أتمكن من معرفتها إذا لم أعد أفعل كل شيء ولا شيء في نفس الوقت؟


إذا لم أتمكن من الإلتحاق في الجامعة هل سأجد طريقة أخرى لأهرب من الواقع؟ 


والسؤال الأهم إذا التحقت ولم أجد الإجابات التي أبحث عنها.. أين سأجدها؟