امشي عكس المجتمع
في بعض الأحيان يبدو الأمر وكأن العادات تسيطر علينا أكثر من نفسنا. منذ ولادتنا، قالوا لنا ماذا نأكل، وكيف نلبس. ما هو نوع الموسيقى التي نستمع لها؟ كيف نتصور؟. في أي وقت يجب أن ننام. ما هو تخصصنا الجامعي؟ أي نوع من النساء/الرجال يجب أن نتزوج؟ أي نوع من الرياضة يجب أن نمارس؟ أي نوع من الحياة الاجتماعية يجب أن نعيش؟ اي نوع من الأنشطة يجب أن نشعر بالاستمتاع ونحن نمارسها؟ متى وكيف يجب أن تتوقف عن فعل شيء معين؟ إلى أن نصبح نسخة مكررة من كل الأشخاص في المجتمع
ولكن ماذا لو كنت أرغب في النوم مبكرًا في الليل والاستيقاظ الساعة الـ ٦ صباحًا؟ ماذا لو أردت التقاط صوري بدون أي مكياج؟ ماذا لو كنت أحب أن أكون وحدي معظم اليوم؟ ماذا لو كنت أفضل البقاء في المنزل في غرفتي المريحة وعدم القيام بأي شيء ليلة الخميس؟ ماذا لو قررت بعد ٥ سنوات أن مساري المهني غير مناسب لي؟ ماذا لو أردت أن أبتعد كل البعد عن هوايتي التي كنت أمارسها طوال ٢٦ سنة من عمري لأنني ببساطة لم أعد أستمتع بها؟
والسؤال الأهم على الإطلاق، لماذا أشعر أنني بخير عندما أفعل ما يحبه الآخرون وأشعر بالذنب عندما أفعل الأشياء التي أحبها؟ فأردت أن أتحدى نفسي ومشاعري
بدأت بقائمة: "ما هي العادات التي أريد أن أمارسها ولكنها لا تشبه مجتمعنا؟" كتبت لستة طوييييلة ولكن أردت البدء بالنوم مبكرًا، بعد ممارستي لهذه العادة لبضع أسابيع بدأت أشعر بفرق كبير في حياتي
ولكنني لمن أشعر بمدى تناقض هذه العادة مع مجتمعنا إلا بعد هذا الموقف. كنت أتناقش مع صديقاتي لكي نخرج سويًا ورفضت الخروج الساعة ال٨، لأنني أنام الساعة ال٩. عندما التقيت بهم سألتني إحداهن: "ليش تنامين الساعة ٩؟؟؟؟" بوجه متعجب، فأجبت أنني أستيقظ الساعة ال٦. فزادت حيرتها وسخريتها. فقلت لها أنني أشعر بنشاط أكبر ومتعة أكثر وأكون منجزة بشكل كبير عندما أستيقظ هذا الوقت... لم يزدها تبريري إلا حيرة
عندما استلقيت على سريري ذلك اليوم، بدأت تتوالى الأفكار، كيف يمكن لمجتمع أن يقنع جميع أو أغلب من فيه بفكرة معينة تعميهم عن أي فكرة أخرى خارج هذا الطريق؟ وما هي كمية الأشياء التي أفعلها في حياتي لمجرد أن المجتمع قال لي ذلك؟ بالتأكيد أنني لا أنكر أهمية العادات والمجتمع ولكن هل هذا يستحق أن أمحي هويتي بالكامل فقط لأكون زي كل الناس
كنت وما زلت موقنة بأن التوازن بين الفردانية والاستماع للمجتمع هو من أهم المهارات التي يجب على الإنسان تعلمها. لكن في نفس الوقت إذا أردت أن تفعل شيئًا لأنه الأنسب لك، سيسخر الله لك مجتمعًا يتناسب مع هويتك وعاداتك التي تمارسها. وسيسخر لك أصدقاءً يتفهمون أهمية هذه الأشياء بالنسبة إليك. فعندما ذهبت للدوحة لزيارة صديقتي كانت تنهي فعاليات يومنا الساعة الـ٨ لكي أتمكن من العودة للفندق والنوم في الوقت المناسب لي. وعندما أريد الخروج مع صديقاتي أصبحوا يتواعدون معي الساعة الـ٥ عصرًا لكي نقضي وقت كافي معًا وأتمكن من العودة للبيت في وقت مناسب
النوم مبكرًا هو من أول العادات التي شعرت أنني أريد أن أمارسها وهي لا تشبه مجتمعنا. والآن أريد التوقف عن استعمال منصات التواصل الاجتماعي وقد نجحت عن التوقف عن جميع التطبيقات ولكن لمن اتمكن من ترك انستقرام، لأن مهنتي تتطلب التفاعل في هذه المنصة وتساعدني على الوصول إلى فئة أكبر،، فما هو الحل الذي
يمكنني أن اتبعه؟